وضع المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي الرؤية الاستراتيجية لإصلاح التعليم 2015-2030، والتي تستند إلى ترجمة مضامين دستور 2011، خصوصًا الفصل 17 الذي يُلزم الدولة بتسهيل استفادة الجميع من التعليم ذي الجودة العالية. وتمثل هذه الرؤية خارطة طريق شاملة تهدف إلى إعادة بناء المدرسة المغربية لتصبح مدرسة للمواطنة وتحقيق العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص.
أهداف الرؤية الاستراتيجية
تسعى الرؤية الاستراتيجية إلى تأسيس “مدرسة جديدة” ترتكز على مجتمع متضامن من أجل التعليم والتكوين، مع الالتزام بقيم المواطنة والديمقراطية والعدالة. ويهدف المشروع إلى بناء مدرسة مغربية جديدة تتماشى مع تحديات العصر وتوفر فرصًا متكافئة للجميع، حيث تركز على الابتكار والجودة والإنصاف.
من أبرز أهداف الرؤية الاستراتيجية:
- تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص: ضمان الولوج العادل إلى مؤسسات التعليم والتكوين لكافة شرائح المجتمع.
- الجودة في التعلم: تعزيز المناهج الدراسية وتطوير طرق التدريس وفق معايير الجودة العالمية.
- الارتقاء بالفرد والمجتمع: بناء شخصية متكاملة قادرة على الإسهام في التنمية المجتمعية والاقتصادية.
محاور الرؤية الاستراتيجية
ترتكز الرؤية الاستراتيجية على سبعة رهانات رئيسية تتناول قضايا التعليم والتكوين، وتبحث في الحلول الجديدة للتحديات القائمة. ومن أبرز هذه الرهانات:
- رهان تكافؤ الفرص والإنصاف: معالجة الفوارق التعليمية وتسهيل الولوج إلى المؤسسات التعليمية.
- رهان الجودة والابتكار: تطوير المناهج الدراسية واعتماد وسائل تعليمية متطورة.
- رهان الحكامة والشفافية: تعزيز الحوكمة الرشيدة وضمان المساءلة في إدارة المؤسسات التعليمية.
- رهان الاستدامة: وضع سياسات تعليمية طويلة الأمد تتماشى مع متطلبات التنمية المستدامة.
- رهان المشاركة المجتمعية: إشراك مختلف الفاعلين في عملية إصلاح التعليم.
- رهان الاندماج المهني: ربط التعليم بسوق العمل وتطوير التكوين المهني.
- رهان الهوية الوطنية والانفتاح: تعزيز قيم الهوية المغربية والانفتاح على الثقافات العالمية.
الإصلاح الإداري والمؤسساتي
تشدد الوثيقة على أهمية إصلاح هيكلة الإدارة التعليمية، إذ تدعو إلى تحقيق التوازن بين المركزية واللامركزية في إدارة المؤسسات. وتوصي بتطوير آليات التوجيه والمراقبة وتفعيل مبادئ الحوكمة الجيدة. كما تؤكد على ضرورة إشراك المجتمع المدني والقطاع الخاص في دعم وتنفيذ الإصلاحات التعليمية.
تطوير المناهج والبرامج الدراسية
تؤكد الرؤية على تطوير المناهج الدراسية بما يتماشى مع حاجات المجتمع ومعايير الجودة الدولية. ومن بين الإجراءات المقترحة:
- مراجعة وتحديث المقررات الدراسية بصفة دورية.
- اعتماد مقاربات تعليمية حديثة تركّز على الكفايات والمهارات.
- تعزيز اللغات الأجنبية إلى جانب اللغة العربية والأمازيغية.
تعزيز الموارد البشرية والتكوين المستمر
تشدد الوثيقة على أهمية الاستثمار في تكوين وتأهيل المدرسين عبر برامج تدريبية مستمرة، مع تحسين أوضاعهم المهنية والاجتماعية. وتدعو إلى تعزيز ثقافة التقييم المستمر لضمان جودة الأداء وتحقيق الأهداف المرجوة.
الحوكمة الرشيدة
تعتمد الرؤية على مبادئ الحوكمة الرشيدة، التي تشمل المسؤولية والشفافية والمحاسبة. وتوصي بتفعيل آليات الرقابة المستمرة واعتماد سياسات تعتمد على المعطيات الميدانية الدقيقة.
إشراك المجتمع المدني
تعتبر الرؤية أن إشراك المجتمع المدني والأسر ضروري لتحقيق أهداف الإصلاح. وتوصي بإنشاء شراكات متعددة القطاعات لدعم المشاريع التربوية، مع تعزيز الدور الفاعل للمجالس التعليمية المحلية.
تحديات وآفاق مستقبلية
على الرغم من وضوح أهداف الرؤية، تواجه عملية الإصلاح تحديات مثل:
- العوائق البيروقراطية: تعيق المركزية المفرطة تنفيذ الإصلاحات بشكل سريع وفعال.
- التمويل: يتطلب تنفيذ الرؤية توفير موارد مالية كافية ومستدامة.
- الموارد البشرية: الحاجة إلى تأهيل الكفاءات وتوفير بيئة عمل محفزة.
الخاتمة
تشكل الرؤية الاستراتيجية لإصلاح التعليم 2015-2030 مشروعًا طموحًا يهدف إلى بناء مدرسة مغربية جديدة قادرة على مواجهة تحديات المستقبل. ومن خلال التركيز على الجودة والإنصاف والحكامة، تسعى الرؤية إلى إحداث تحول جذري في النظام التعليمي المغربي، بما يضمن تكافؤ الفرص وتحقيق التنمية المستدامة.